logo almawkeb



2014-09-22

تغطية رحيل خادم العترة الشاعر الحسيني محمد القطان (أبو منتظر)


بقلوب مؤمنة بقضاء الله و قدره شيعت مدينة سيهات خادم العترة الشاعر الحسيني الأديب محمد القطان (أبو منتظر) و ذلك في يوم الأحد الموافق ٢٦ ذي القعدة ١٤٣٥ هـ.

في نهار يوم الأحد، الساعة الرابعة عصراً، الشمس متوشحة برداء أسود، الصمت يعم المكان، و محبي الغالي أبو منتظر في طريقهم نحو المغتسل، هناك حيث يرقد خادم العترة تاركاً خلفه الحياة الدنيا و تاركاً أيضاً أحبائه، أصدقائه، عائلته، بل حتى أولاده.

منتظر و علي، وردتان في عمر الشباب، يقفان بكل شموخ كالجبل، ينظران والدهم، ممدداً على مغتسل الموت. يبدأ المحبين في الدخول، بعضهم يتوارى خلف الباب، قلبه لايحتمل النظر الى العزيز و قد فارق الحياة، و البعض أقترب من المسجى و طبع قبلات الحب على جبين الراحل، و البعض الآخر لم يكتفي بتقبيل الجبين، فأكمل تقبيل الرأس و الوجنتين، أما الكثير من المحبين فقد دنوا من جسد محبوبهم، لم يكتفوا فقط بنثر القبلات، بل اقتربوا من أذنه يهمسون، تمتمات لا يعلمها الا الله و من تمتم بها، همسات .. وصلت الى قلب أبا منتظر، جسده ميت، ولكن قلبه مازال ينبض حباً عند عشاقه.

المحبين يقفون ينظرون نظرات الحب لحبيبهم، دموع تتراقص في العيون، نبرات مخنوقة و دموع مكتومة، هدوء كبير، ذهول أكبر، صمت يعم المكان، ليأتي المحب و العاشق (محمد الحلال) بصوت حزين، بعتب المحبين، ليسكر حاجز الصمت المهيب، مخاطباً أبا منتظر:

" على الأقل كان استنيت لمحرم "

لتتعالى بعدها الصرخات و يعلو النحيب، و ينكسر قلب الصابرين صغار و كبار، و تُذرف الدموع ألماً و حسرة، على فقد رجل عقمت أرحام الأمهات أن ينجبن له مثيل.

خلف رأس أبيهم، يقف شابان، عاشوا تحت حنان والدهم، منتظر و علي، يحتضنان والدهم الآن، ليحتضنهم اليتم بعد جور الزمان. يقفا بكل شموخ، كجبل أبي قُبيس، و في داخل القلب، براكين تتفجر، و زلازل تعصف بالروح، و رغم البلاء العظيم و الرزء الجسيم، إلا أنهم كانوا بصبرٍ زينبي عظيم، صبراً تعلماه من سيرة الحسين، ومواكب الحسين، و أشعار الحسين، مستلهمين ذلك من قلم خادم العترة، والدهم الحبيب.

في زاوية الغرفة، يقف الخطيب الشبل، باكياً من ساعده و اهتم به. و عند قدمي العزيز، يقف ذلك الشبل الحسيني مذهولاً وهو ينظر الى ذلك الإنسان الرؤوف، الذي كان شعلة من نور في خدمة الحسين و مشجعهم و مربيهم على رثاء الحسين. 

أبا منتظر، مسجى فوق المغتسل، لحية سوداء كسواد الليل، رحل عن الدنيا شاباً، مشتاق للحسين، عينان مغمضتان، كالنائم الحالم بزيارة القمرين الحسين العباس. 

ينام بسلام، حبة الخال في خده الأيسر، سيشع جمال نورها نحو السماء، عندما يتوسد خده الأيمن على تربة معشوقه الحسين. 

ممد على المغتسل، وجهه كقرص القمر، يحيطه قماش أبيض نوراني، نقش فيه آيات من الذكر الحكيم. و فوق جسده راية حمراء اللون كُتب فيها: " ياقمر بني هاشم"
راية أبي الفضل العباس، كان ترفرف فوق قبة العباس في كربلاء، و اليوم تلف جسد خادم العترة، الذي أفنى عمره في مدحهم و رثائهم ليل نهار.

الله أكبر، يأذن المؤذن منادياً الناس لصلاة المغرب، تكبيرات وتهليلات في رحاب السماء. يتسابق الناس نحو الصلاة، و عند الساعة السادسة و خمس و أربعون دقيقة، يعتلي النداء: 


الله أكبر.. الله أكبر
لا إله الا الله
هذا ماوعد الله و رسوله و صدق المرسلون


و اذا بالجنازة فوق الأكتاف يسير بها المؤمنون إلى ساحة مؤسسة الإمام الحسين (ع)، تلك الساحة التي عرفت أبا منتظر، فهو لم يفارقها بل أفنى حياته في هذا المكان، ليكون الوفاء له عنوان، حيث تتم الصلاة عليه في تلك الساحة، حشود غفيرة جداً من المؤمنين ملؤا أرجاء المكان، أقيمت الصلاة بإمامة سماحة الشيخ مهدي المقداد، وبعد الصلاة ألقى سماحة الشيخ صادق الرواغة و مهدي المقداد كلمات في حق الغالي خادم العترة ذكرا فيها حسن سجاياه، ثم النعي الحسيني امام نعش الفقيد، وسط ضجيج و دموع من الصغير قبل الكبير، كيف لا يكون ذلك، و الفقيد هو خادم العترة، أبا منتظر. ثم ألقى سماحة السيد ماجد الساده كلمة عبر فيها عن عظيم الأسى لفقد صاحب القلب الطيب الذي خدم العترة و حث الشباب على خدمة الحسين و أهل بيته، و ذكر العديد من مناقبه، وسط بكاء المحبين و عبرات العاشقين.


بعدها سارت مسيرة حاشدة من المشيعين في تلك الشوارع التي سار فيها أبا منتظر كثيراً في مسيرات عزاء أهل البيت، ولكن هذه المرة، خادم العترة فوق النعش، و الرواديد ينعون أبا منتظر مرة، و ينعون الحسين مئات المرات.

امتدت مسيرة التشييع مسافة طويلة، وسط حشود غفيرة من العاشقين، الصغير قبل الكبير تواجدوا بدموعهم قبل أجسادهم في التشييع، بل حتى الكهل و حتى المريض و المُقعد، تواجدوا حباً للحبيب الذي سيغيب بعد لحظات، غياب ليس بعده لقاء.

جعفر المرهون، الرادود الحسيني الذي طالما رثى الآل بأبيات خطتها أيادي خادم العترة أبو منتظر، هاهو الآن يرثي الحسين و آله، و يرثي أيضاً صديقه و حبيبه الشاعر أبو منتظر.


حاضر لك احسين والزهرا والله
كلهم في هاليوم وي حجة الله

ضمني وياك ابلحد ياخويه لاتروح
آنه يابو منتظر بعدك بلا روح
دمعي نيرانه لهب بالوجنه مسفوح
ماتخيلتك ابد في اللحد مطروح


كما شارك أيضاً الرواديد محمد الحكيم و هشام المسكين بمراثي حسينية، وكانت احدى القصائد من تأليف خادم العترة أبومنتظر في حق أمير المؤمنين علي (ع). و سار جموع المشيعين و المعزين حاملين النعش، حتى وصلوا إلى المقر الأخير، هناك حيث تبدأ أول منازل الآخرة.


اجتمع المئات حول تلك الحفرة، الكل يحاول ان يسترق نظرة، نظرة الوداع، اُودع عاشق الزهراء في قبره، فلقنه صديق العمر سماحة الشيخ مهدي المقداد، لقنه وهو يعتصر ألماً فبالأمس عاشوا سوياً، عمراً مديداً، و اليوم يلقن الحبيب حبيبه، ليودعه وداع لا لقاء بعده. لتختتم مسيرة إنسان عشق الحسين و العباس فأستقبله ضامن الجنان، لتكون روحه عند الرضا (ع)، وجسده في سيهات.














































































































































































































































































































































































































































































موكب الإمام الحسين (ع)©py;